سورية مهد الحضارات
سوريا مهد الحضارات و بوابة إلى التاريخ
لعبت سوريا دورا أساسيا في التاريخ وتطور الحضارة الإنسانية فكانت معبراً عظيماً للتجارة بين البحر الأبيض المتوسط والشرق، وصدرت الأبجدية إلى الغرب،و منها انطلقت الأديان ابتداءً من عبادة الآلهة إلى الديانات التوحيدية. ظهرت الزراعة في سوريا منذ 9000 سنة قبل الميلاد عندما اكتشف الإنسان إمكانية نمو المئات من النباتات الجديدة من البذور. تم أيضا في سوريا القديمة اكتشاف أسرار صناعة المعادن وإمكانية استخدام البرونز و النحاس بأشكال عديدة تخدم الحاجات المنزلية و العسكرية و الجمالية.
في مملكة ماري(تل حريري) تم العثور على العديد من القصور و المعابد والجداريات التي عكست تقدما كبيرا في النشاطات التجارية والثقافية. كما كشفت أعمال التنقيب عن بقايا أثرية ل275 غرفة في قصر كبير تغطي مساحة 2.5 هكتار بالإضافة إلى مكتبة كبيرة مليئة ب20000 لوح مسماري يعود للألف الثالثة قبل الميلاد.
أما مملكة أوغاريت (رأس شمرا) فقد قدمت للبشرية الأبجدية الأولى وكان لها ماضي ذهبي في الإدارة و الثقافة والديبلوماسية والقانون والدين والاقتصاد فترة ما بين القرن 16 و 13 قبل الميلاد.
في إيبلا (تل مرديخ) تم اكتشاف قصر ملكي يحوي على واحدة من أكبر المحفوظات و أكثرها شمولاً في العالم القديم بالإضافة إلى العمل في مسائل الصناعة و الدبلوماسية و التجارة و الفن و الزراعة. اشتهرت إيبلا على مستوى العالم في صناعة قماش الحرير من الذهب و صناعة المنحوتات الخشبية المطعمة بالعاج و اللؤلؤ. مازالت هذه الصناعات مزدهرة حتى يومنا هذا بما في ذلك التطريز و الفسيفسائيات المصممة بشكل يتوافق مع التقاليد الحرفية في إيبلا القديمة.
لقد كانت سوريا مسرحاً للعديد من الفتوحات التي انحدرت من جبال الأناضول أو التي وصلت إلى شواطئها عبر البحر. استقر سكانها الأصليون و المهاجرون من شبه الجزيرة العربية في جميع أنحاء البلاد؛ منطقة الهلال الخصيب و الساحل الفلسطيني و صحراء سيناء. عرف هؤلاء السكان بالأكاديين و العموريين والكنعانيين و الفينيقيين و الآراميين و ذلك وفقا لزمن و مكان الهجرة.حافظ هؤلاء السكان على سماتهم الأصلية بالرغم من الفتوحات العديدة التي تعرضوا لها (اليونانية و الرومانية و الفارسية و غيرها). في عام 636 م دخلت القبائل العربية المسلمة القادمة من شبه الجزيرة العربية إلى سوريا و جلبت معها اللغة العربية والدين الإسلامي اللذين استمرا حتى هذا اليوم في سوريا الحديثة.
دمشق هي عاصمة سوريا التي تعتبر أقدم مدينة مأهولة في العالم و توجد فيها أنقاض يونانية بنيت فوق معابد آرامية بالإضافة إلى المآذن المرتفعة فوق بقايا الصليبيين كما أصبح المسجد الأموي الذي يعتبر صرحا عظيما للحضارة الإسلامية نموذجاً فريداً للعمارة الإسلامية من اسبانيا إلى سمرقند. في مدينة حلب يرتفع حصن كبير فوق جبل قيل عنه قديما إن إبراهيم عليه السلام وقف عليه و حلب بقرته و لذلك سميت حلب بهذا الاسم ( حلب تعني يحلب باللغة العربية)
غالبا ما توصف سوريا على أنها اكبر دولة صغيرة في العالم بسبب غناها بالحضارات القديمة حيث ستشعر بأن التاريخ عاد لينبض بالحياة من جديد.